السبت، ٥ مارس ٢٠١١

من أين لك هذا ؟


يبدو أن عائلة "مبارك" التى أعلنت فى الصحف ، عن موقفها المالى فى محاولة تبرئة نفسها من تهمة ربما تكون هى الأهون على الإطلاق بين كل التهم الحقيقية ، التى لم ولن يستطيع أحد توجيهها لهم ، وهى أتهامات فى الواقع ، لا يمكن الاستناد لنص قانونى لإثباتها .
فأن تقوم بتجويع شعب ، وتزرع داخله الإحساس بالعبودية للهاثه وراء لقمة العيش هو جريمة للأسف لا ينص عليها قانون . أن تترك المسئولين عن حماية الشعب ليعذبوه ويقتاتوا من دماءه بكل الطرق الممكنة جريمة ربما لا تستند لدليل . تبرر "الهانم" وجود أموال بأسمها على إنها تبرعات خيرية عظيمة ،الجميع يعلم ذلك بالمناسبة ، ولكن لماذا لم يشعر بها المحتاج لها فعلا ، فقط تمويلات لجمعيات تقيم حفلاتها واجتماعاتها سيدات الليونز ونادى السيارات ، ببذخ غريب ، فالجمعية الخيرية التى تجمع التبرعات من أجلها تقيم حفلات تكفى للصرف على عشرة ملاجىء كاملة لمدة شهر على الاقل . أما عن المنح ، فعذرا سيدتى ، لم تشعر بها "هاجر" ذات الثلاث سنوات التى تسرح مع أخواتها لتصرف على أمها وأبيها العاجز وهى من الآلاف اللائى يعشن بنفس الطريقة ، استعذبوا التسول على خدمة البيوت التى تهين فيهم وتشعرهم بأنهم حيوانات ! أين تلك المشاريع الخيرية من الأسر التى تقيم فى خيام و الشوارع وفى بلوكات حقيرة بمساكن لا ترضى الحيوانات بالعيش فيها ، لمن التبرعات ولمن اختزنت فى البنوك ، لم يشعر بها اى من الأيتام النائمين فى مراكز شديدة العفن تتبع الحكومة ، منح خيرية لها هذا الحساب الكبير فى البنوك ، لم تصل لمستشفى سرطان الأطفال الذى جمعت على ذمته البلايين وليس الملايين ، تتبرأ عائلة "مبارك" مما نسب اليها ، وكأن الجريمة تتمثل فقط فى " من أين لك هذا " وكأن الجريمة الوحيدة المرتكبة هى " اموال منهوبة " . "بقايا النظام" وهى كلمة أصبحت مشهورة الأن ، يدفعون بلطجية على الشعب لترويعه لأن هذه هى الطريقة المتبعة سلفا . هل تعرفون كم روحا زهقت بسبب هذا السلوك ؟ هل تعرفون كم عائلة فقدت عائلها الوحيد منذ قررتم كعائلة حماية أنفسكم بكل الأجهزة المتاحة فى الدولة ؟ كم من الفتيات احترفن الدعارة لأن المال حصل عليه فقط من استطاع الوصول اليه عن طريق أساليب احترفها نظامكم بدون اى توجيه او رفض من قبلكم ؟ كم شاب مات فى عبارات الموت وقوارب الهجرة غير الشرعية ؟ كم طفل مات بسرطان زرعه وزيرا لم يراعى الله فى شعب بريء ، فوطن السرطان فى بطون الأمهات ، ولدن على آثره أطفال مشوهة به ؟ لم يفكر أحد أفراد العائلة محاسبة المتسبب فى تفشى الكبد الوبائى وأمراض القلب ، وقطار الصعيد ومحرقة بنى سويف ومجزرة بنى مزار ، وغيرها من جرائم ارتكبت من ناس لم نسمع ولو توجيه اللوم لهم ، اللهم الا من تغيرات ونقل من مكان لمكان ، وكأنها خطة مدبرة لإبادة تبدو قدرية للشعب الذى يتناسل رغم عن إرادة رئيسة الذى نادى ونادى بربط الحزام وكأن الصين الشعبية عددها مليون ؟! أيها العائلة البريئة من كل البلاوى المنسوبة اليكم تمهلوا وراجعوا ضمائركم . ألم يحاول أحدكم ان ينقذ هذا الشعب من الأمن الذى جعل المواطن يسير مرعوبا دائما ،خائفا من ان يحتك به احد افراد الشرطة لإهانته أمام زوجته وعائلته ، أو يلفق لاحدهم تهمة وعلى اثرها ينتهك عائلته نفسها؟ ألم تصل أسماعكم و"فيس بوككم" مشاهد التعذيب التى سجلت لإخافة الناس ليتحركوا كالعبيد ، آلسنا مواطنين مثلنا مثلهم ، لهم ما لنا ولنا مالهم ؟! لم يحاول احد أفراد العائلة أن ينبه جهاز الشرطة انه موظف لحماية نفسه اى الشعب لأنه احد أف راده وان حماية الناس تعنى حمايته وحمايته تعنى حماية الناس ؟ ألم يصل لأسماع سيادتكم أخبارا عن ظلم و إهانة وتعذيب حتى الموت ؟ هل تعتقدون ان التهمة الموجهة إليكم " من أين لك هذا "هى التهمة الحقيقية ؟! للأسف الاتهامات الحقيقية لا نستطيع ان نثبتها عليكم . هل تعرفون العنف المنتشر الأن فى الشوارع من زرعه ليجنى ثماره فى الوقت المناسب؟ قمع السنين الماضية ، فالمسجونين والبلطجية وأطفال الشوارع وعمال اليومية والمجانين أيضا ، قنبلة موقوتة تم صنعها بإحكام . عشرة أعوام للطفولة ( اكبر عدد تشرد أطفال فى العالم ) عشرة أعوام للمرأة ( اكبر عدد للمرأة الأمية والمرأة المعيلة ) وهكذا أعوام وأعوام يحشد على أساسها أموال وإعانات وتبرعات ، ومن المستفيد ، هل لديكم اى دليل على ان الشعب استفاد ؟ من أين لك هذا اليقين بأن انجازاتكم القليلة للشعب هى الاكتفاء الحقيقى له وهو يتخرج من جامعته ليعمل فى محل للكشرى او الفراخ المشوية ؟ من اين لك هذا التأكد من أن انجازاتكم القليلة فى مشاريع الشباب لم تسرق وتنهب وتذهب للكثير ممن لم يستحقها ؟ هل تذكرون مشروعا مثل "أزرع الصحراء " (سنين من الشقاء والمحصول غلاء) هل تذكرون مشروعا مثل " مشاريع الشباب " (سيارة ربع نقل حمص شام أو خضار)؟ من أين لك يا ايها العائلة البريئة هذا التسامح فى حق الشعب والإصرار على أنه كان شعبا هانئا وسعيدا ؟ من أين لك هذا؟