الاثنين، ١٦ يناير ٢٠١٢

أبنتى سبب ثورتى

لا اعرف كيف استطيع ان أشعر بالسعادة والمحبة والفرح كلما تعرفت او اقتربت من انسان جديد ، فها هى حياتى تزداد صخبا بروائع البشر ، كيف لى ان احتمل حزنا يطاردنى ولا اطرده من حياتى بكل ثقة وفخر ؟
أحب الحياة بقدر لا يمكن وصفه ، لدى طاقة ايجابية استطيع توزيعها على العالم اجمع ، استطيع ان أبدأ كل يوم بداية جديدة ولا يصيبنى الملل من تكرار الأخطاء والدروس ، بل اكتشف ان مع كل خطأ فائدة رائعة ، وبعد كل درس نجاح مدوى ، أصبحت إله نفسى منذ زمن ، لا يتحكم فى إلا مشاعر تحتاج للطبطبة قليلا ، استمتع بنقر العصافير على زجاج شباك غرفة نومى ، استيقظ بطاقة عجيبة وأمل أعجب ، وأنا التى ظلت لأكثر من ثلاث سنوات تخاف النوم وحدها ، إلى أن قامت الثورة ولم تهدأ  ،ولن تهدأ على الأقل داخلى حتى أموت ، لم تكن الثورة معى بدايتها 25 يناير ، بل بدأت داخلى منذ قررت أمى أن تموت ، وانسجب بعدها زوجى بكل قسوة ومات بلا مراعاة لوجودى حية ، بلا أى احترام لمشاعر ابنته التى تسألنى عليه ، وتعاقبنى كل يوم على عدم وجوده معى ، منذ كتبت جروح الاصابع الطويلة وقد بدأت ثورتى الحقيقية التى لم يحركها جوع أو فقر ، أو قهر ، إنما حركها غضب وحزن ، اختزن داخلى مما حدث لامى ولزوجى ، ان تموت "فاطمة " بسبب عمليات فاشلة لاستئصال السرطان فى مستشفى هى المستشفى الاهم والاكبر لعلاج السرطان ، فتكون النتيجة اهمال حتى تموت ، وأن يظل زوجى بين الحياة والموت فى معهد ناصر 9 شهور حتى تتليف عضلة القلب بالكامل ويقرر الرحيل ، ثم أجد نفسى مع طفلة جميلة وذكية وشقية وجها لوجه ، تطالبنى بما لا استطيع ولا افهم ، نتمرن انا وهى فى بعضنا ، فأنا أتمرن على ان اصبح أما ، وهى تتمرن على أن تصبح أبنة لام بلا اب ، مهمتنا صعبة ولا تحتمل نقاش بيزنطى حول أهمية آلا أشعرها بشىء ، وتلك النصائح التى تأتينى من هنا ومن هناك حول أهمية ان يكون هناك رجل فى حياتها ، او ان على أن أهدأ ولا أتعصب إذا زادت شيطنتها ، أو أن على أن أتعلم كيف أربى بنتا وحيدة ، فهى لا تحتاج الى التدليل حتى لا تفشل ، ها هى تناطحنى وتقرر مصيرها وحدها وتخبرنى بحسم ، "أنت أمى وأنا أحبك ، وبابا مات ، مش هاسمع كلامك ، ريحينى بقى وبلاش تتدخلى فى حياتى اكتر من كدا" ؟ وكأن التدخل المقصود التى تقصده قطتى الشقية اننى تسببت لها فى ان تكون بلا أب ، آلم أكن انا من احببت وتزوجت ذلك الرجل الفقير ،وتسببت لها فى مستقبل كنت ادرك منذ اتخاذى قرار الزواج انه سيحدث ، اذا هى فى غضبها على نسبة كبيرة من الصحة ، لذا ، لزاما على أن أحاول التكفير عن خطئى بأن أحاول صنع مستقبل مختلف لها ، وهذا لن يكون إلا باتخاذى قرارات صائبة ومريحة والتخلص من كل المشاعر السلبية ومن الخوف ، على ان اكون بالقوة التى رأتنى بها ، وواجهت بها كل الظروف التى قهرتها واستطعت بعون الله ومساندة الكثير من الأصدقاء ، أن اقف على سحابة سمائية نقية وانام داخل غرفة ملائكية ، تنقر العصافير على زجاج شباكها العالى ليوقظنى انا وحبيبتى ، فلتسلمى لى يا حبيبتى يا سبب احساسى بثورتى .