الأربعاء، ٢٣ أبريل ٢٠١٤

السيد آرق

                                           
                                   اللوحة للفنان الرائع حسن ارابيسك

                                         -1-
الشر الذى أقترضته من قليلين قابلتهم فى الحياة لم يساعدنى فى تخطى الكثير من المشاكل الذى قابلتها ، سيطرت تلك السذاجة المتأصلة داخلى على الشر النبيل الذى حام كثيرا حول الساحرة الشريرة ، شر وسذاجة لا يجتمعان ورغم غلبة السيد شر فى الحياة قليلا على ، إلا أننى أسامحه وأتمسح فيه دائما ، فهو يربك حياتى ، ويجعلنى فى حالة توتر دائم ، لكن ما أن تنتهى مهمته حتى يتبين لى روعة دوره الذى قام به وهو يؤذينى ، لذلك استعرت منه سحر صفاته الذى يتجاهلها الكثير من الناس ، هؤلاء الكارهين له وهم يدمنونه ، بل وينتهكونه أحيانا 
)وللسيد شر حديث سوف أكتبه لكم فى وقت لاحق )
-2-
أه .. أه .. ما كل هذا الوجع الذى يدب فى كل مكان صغير بجسدى ، عظامى وكأن هناك من داس عليها بأقدام كبيرة لكائن خرافى ، ولحمى كأن جزارا خبط عليه بسكينه ، وعقلى المرهق من الهموم ، وكأن هناك يد شيطانية أمسكت بمخى وعصرته ، عينى ترفض الاستيقاظ ، يااااااااه .. أأأأأأه ، وكأن هناك قوى خفية قررت تعذيبى وأنا نائمة وعقابى على هجر الحب لجسدى ، وكأن تلك القوة تريد لى حياة أخرى غير التى فرضتها على نفسى ، وكأن السجان الذى وافقت عليه قرر أن يتمرد ويعلن غضبه بعقابى على وحدتى ، وهذا الآرق الذى صاحبنى منذ سنوات ، قرر مصادقتى رغما عنى حتى وأن هربت منه أو طردته بأى وسيلة  فكلما هدآت حياتى ووقفت على قدمى بثبات وقوة ، يتبختر السيد آرق بكل ميوعة وغنج ليفتك بعقلى ليلا ونهارا أيضا ، أبنى بيتا كل يوم  فيأتى ليلا بكابوس مفزع ، فأحلم دائما أن هناك من أقتحم البيت ودخله ، فى الحقيقة لم أتعرض للأذى من المهاجمين مرة واحدة فى أى من هذه الكوابيس ، لكن ما يؤذينى حقا ، هو أدراكى داخل الحلم أننى فى كابوس ، فأتنبه لضرورة إيقاظ نفسى
 -3-
أمس رأيت نفسى نائمة على كنبة الصالة أمام التلفزيون كما نمت فعلا ، وقد أغلقت باب الشقة جيدا بمفتاحين قبل نومى ، ولكن فى الحلم افاجىء بأننى أعانى من آرق داخل الحلم ، وشعور شديد بالبرد ، فأتقلب لأفتح عيناى على باب الشقة وهو موارب ، ويكاد يستعد لتتسع فتحة المواربة ، أستيقظ داخل الحلم مفزوعة 
 كيف للباب أن يكون مفتوحا وقد أغلقته بنفسى 
كيف ؟
أنتبه داخل الحلم أننى بالتأكيد أحلم ، وأن هذا كابوس ، أوقظ نفسى عنوة ، فتبدأ معاناتى الحقيقية مع الكابوس المزعج ، وصراع بين موتى الصغير وحياتى الحقيقية ، أسحب روحى من قبضة موتى الصغير ، أنزعها لأعود للحياة من جديد لأخرج سالمة من الكابوس المفزع والذى فى الحقيقة هو ليس مفزعا أبدا ، الفزع الحقيقى فى الإحساس المؤلم وأنا أنزع روحى من يد الموت الصغير ، تعب كبير فى جسدى كله ، جسدى يهتز ، وقلبى يخفق بسرعة وبشدة وعينى مغمضة تماما وكأن أحد ما أبرحنى ضربا بعصا غليظة جدا على كل أعضاء جسدى .
أخرج كل ليلة من الموت بحياة .

لكن إلى متى يستمر الآرق بإصرارى على الشعور بموتى الصغير كل يوم ورفضه للنوم ؟!

الثلاثاء، ٨ أبريل ٢٠١٤

قارئة الفنجان – عرافة خائبة لنفسها

اللوحة للفنان الشاب المبدع مجدى الكفراوى

تلك اللوحة عادت بى لعشرون عاما مضت ، رغم أنها لى الأن وبعمرى الحالى إلا أن الروح الذى أقتنصها الفنان الرائع مجدى الكفراوى فى هذه اللوحة هى روح العرافة التى كانت على ثقة بأنها ستغير الكون بنبؤاتها الطيبة الساحرة ، تدخل بين كائنات الفنجان تحاورهم وتجلس معهم وتضايفهم ويضايفونها ، كنت أغيب تماما داخله ، وتطول تسبيلة جفنى تلك وأنا ناظرة داخل الفنجان ، ثم ما أن أنتهى أفتح عينى لأفاجىء بشخص يجلس قبالتى ، يشكرنى بشدة ومحبة عما قلته ، وأخرج بلا ذكرى لحرف واحد مما قلته ولا أعرف أساسا من الذى قاله بالنيابة عنى لأن وقتها كان وعيى غائب تماما فى الرسومات ، وبعدها أشعر ببهجة لطيفة وإرهاق مؤلم لمخى ، ورغم أننى كنت أتعب من هذه القراءة المتأنية ، إلا أننى كنت سعيدة بطاقتى الجبارة فى الحياة ، اما الأن فقد أخذت طاقة الواقع المقيتة جزءا كبيرا من طاقة روح العرافة الشقية التى تسخر الحاسة السادسة والفراسة لربط تفاصيل الرسومات بالشخص الجالس امامها ، كانت الذى هى أنا الان ، تقرأ المارة بمجرد عبورهم ، أما الأن فلم يعد يفى مرور أحد بالأمر ، القارئة العرافة دائما ترغب فى أن تقرأ بمزاجها الخاص ، وآلا يجبرها أحد على موعد ، أو مكان لتقرأ فيه ، عرافة مدللة ، وواثقة من جنودها الروحانين ، حتى وإن خذلوها مع نفسها أحيانا ، لكنهم لم يخذلوها ولو مرة واحدة مع أخرين ترتاح لها نفسهم وتنفتح لهم طاقاتها السحرية ببلورتها الزجاجية اللئيمة ، ضعيفة أنا أمام شخصياته ، بمجرد إنتهاء أحدهم أمامى من إرتشاف قهوته ، أسمع أصوات سكان الفنجان تنادينى ، وبمجرد ما أقرب الفنجان لفمى لأقبله ، تتقافز شخصياته امامى بتنافس قوى لتعرض كل شخصية منهم حكايتها التى تخص صاحب الفنجان ، أتوه معهم وأترك لهم حالى يتجولون بى ما بين الأزمنة والأمكنة ، وحسب روح شارب الفنجان تتداعى حكاية فنجانه على لسانى ، ومع ذلك كنت أفكر بجدية فى إعتزال قراءة الغيب واتباع طقوس الرؤى الروحانية ، حيث أننى فشلت تماما ونهائيا فى أن أقرأ لنفسى ما يحدث معى ، ورغم علمى التام بأنه سيحدث ، إلا أننى لم أنجى نفسى منه ، ورغم رؤيتى للأشخاص بوضوح مذهل إلا أننى أترك لهم نفسى ولا أخاف وادع الحلم يكتمل فى الحقيقة ولم أجتهد فى منع نبوءات سيئة لغيرى ولم أساعد فى تنفيذ نبؤات سعيدة لهم ، بمعنى أوضح باب المنجم مخلع ، لذلك ليس من الضمير ، أن أدعى أننى أستحق ثقتكم فى كمنجمة وقارئة ومفسرة أحلام ، فمن كان الفشل حليفه ، كيف يقرأ لغيره النجاح.
لكنى بعد إهدائى هذه اللوحة التى رأيت فيها نفسى بسيجارتى وشالى وملامحى التى تلعب بها أضواء الحياة المختلفة عدت بشغف لفنجانى وشخصياته اللعوبة .