للعشاق أحوال عجيبة ، وللمجاذيب بالهوى ملامح لا تخطئها الأرواح
الشفافة ، للمعذبين بالفقد أيضا ملامح لا يخطئها الحزانى ، كذلك للذى تطوف أرواحهم
ليل نهار فى ملكوت البرية المغدورة ، أسباب للطواف بعيدا عن الخلق ، لمن يريد أن
يرى أيقونة حية ، لم تحبس بعد فى إطار خشبى عتيق ، لمن يريد أن يهدأ من عناء الألم
والفقد والغربة ، عليه أن يجلس منتصب الظهر ، مفتوح العينين وخالى البال تماما ،
استعدادا لحالة من غسيل الروح ، تقوم بها تلك الفتاة المريمية الملامح ، هيا أهدأ
واستعد ، ستستمع لصوتا لن تعرف له مصدرا أرضيا ولا فضائيا حتى ، ستتوه تماما فى
ادائها الذى تعتقده اداءا مسرحيا لممثلة كبيرة لم يعرفها جمهور كبير ، لأنها رفضت
كل ادوار العاهرات التى عرضت عليها ، ذلك الهدوء الذى أمقته ، كيف تحول لهذا
الجمال فجأة ، كيف يتحول ما أراه ملل الى متعة لا أريدها أن تنتهى ، هكذا كانت
غادة نبيل ، بإلقاء لم التقية فى حياتى ، بنبرة صوت تجبرك على البكاء بسعادة وبهجة
، تلك الحالة المحيرة عندما يخلقها المبدع دائما ، لن أمل من تكرار ان الشاعر
ممسوس من جنى شرير ، يتعمد ان يصيب مستمعيه ، فيصبحون مجاذيبه ، هكذا هى غادة ،
ولى من أولياء الشعر الحديث ، تجذبك بجنها ، فتصبح مجذوبا فى حضرتها الصوفية التى
تجلت فى كيانها كله ، امرأة لم تسمح لغدر الحياة ان ينال من عقلها وشغفها بالشعر ،
ولم تسمح لأن يقتطع من ايامها رجلا عابرا يدق على رأسها كحداد فقد رجولته بعد وقوف
طويل امام النار ، فهى لا تقبل انصاف الرجال ، ولا تقبل انصاف الادميين ، تحتفظ داخل
ذلك الصدر المتعب ، بقلب يرفض ان يتحول لفأر تجارب للمارة من رجال يتوقون لأن
يقوموا بتجربة تلك البنت الحزينة ، مدعين اخراجها من احزانها ، ولكنها رضيت الحزن
بمكر وذكاء أثنى شاعرة ، عرفت ان حزنها هو وقودها الابداعى ، رفضت تسليمه بسهولة
لأيهم ، لكن عذرا يا أيقونة الشعر ، سيظهر ذلك الروحانى الحقيقى ، الذى سينزع عنك
حزنك ولن يسمح لك بأن تكتبين عنه بعد الان ، سيظهر ذلك الرجل الذى يعرف كيف يروى
وردة عطشى لماء نقى لم تلوثه بركة الحياة العفنة ، هذه نبوءة ، رضيت بها ام لم
ترضى ، أسألى ذلك العفريت الذى ظل يزن على عقلى كى أبثها لك ، انت تستحقين أجمل
الرجال ، لانك من أجمل النساء ، فأيقونة حية مثلك ، تستحق من القدر الكثير ، وهو
أت.