لا اعرف كيف استطيع ان أشعر بالسعادة والمحبة والفرح
كلما تعرفت او اقتربت من انسان جديد ، فها هى حياتى تزداد صخبا بروائع البشر ، كيف
لى ان احتمل حزنا يطاردنى ولا اطرده من حياتى بكل ثقة وفخر ؟
أحب الحياة بقدر لا يمكن وصفه ، لدى طاقة ايجابية استطيع
توزيعها على العالم اجمع ، استطيع ان أبدأ كل يوم بداية جديدة ولا يصيبنى الملل من
تكرار الأخطاء والدروس ، بل اكتشف ان مع كل خطأ فائدة رائعة ، وبعد كل درس نجاح
مدوى ، أصبحت إله نفسى منذ زمن ، لا يتحكم فى إلا مشاعر تحتاج للطبطبة قليلا ،
استمتع بنقر العصافير على زجاج شباك غرفة نومى ، استيقظ بطاقة عجيبة وأمل أعجب ، وأنا
التى ظلت لأكثر من ثلاث سنوات تخاف النوم وحدها ، إلى أن قامت الثورة ولم
تهدأ ،ولن تهدأ على الأقل داخلى حتى أموت
، لم تكن الثورة معى بدايتها 25 يناير ، بل بدأت داخلى منذ قررت أمى أن تموت ، وانسجب
بعدها زوجى بكل قسوة ومات بلا مراعاة لوجودى حية ، بلا أى احترام لمشاعر ابنته
التى تسألنى عليه ، وتعاقبنى كل يوم على عدم وجوده معى ، منذ كتبت جروح الاصابع
الطويلة وقد بدأت ثورتى الحقيقية التى لم يحركها جوع أو فقر ، أو قهر ، إنما حركها
غضب وحزن ، اختزن داخلى مما حدث لامى ولزوجى ، ان تموت "فاطمة " بسبب
عمليات فاشلة لاستئصال السرطان فى مستشفى هى المستشفى الاهم والاكبر لعلاج السرطان
، فتكون النتيجة اهمال حتى تموت ، وأن يظل زوجى بين الحياة والموت فى معهد ناصر 9
شهور حتى تتليف عضلة القلب بالكامل ويقرر الرحيل ، ثم أجد نفسى مع طفلة جميلة
وذكية وشقية وجها لوجه ، تطالبنى بما لا استطيع ولا افهم ، نتمرن انا وهى فى بعضنا
، فأنا أتمرن على ان اصبح أما ، وهى تتمرن على أن تصبح أبنة لام بلا اب ، مهمتنا
صعبة ولا تحتمل نقاش بيزنطى حول أهمية آلا أشعرها بشىء ، وتلك النصائح التى تأتينى
من هنا ومن هناك حول أهمية ان يكون هناك رجل فى حياتها ، او ان على أن أهدأ ولا
أتعصب إذا زادت شيطنتها ، أو أن على أن أتعلم كيف أربى بنتا وحيدة ، فهى لا تحتاج
الى التدليل حتى لا تفشل ، ها هى تناطحنى وتقرر مصيرها وحدها وتخبرنى بحسم ، "أنت
أمى وأنا أحبك ، وبابا مات ، مش هاسمع كلامك ، ريحينى بقى وبلاش تتدخلى فى حياتى
اكتر من كدا" ؟ وكأن التدخل المقصود التى تقصده قطتى الشقية اننى تسببت لها
فى ان تكون بلا أب ، آلم أكن انا من احببت وتزوجت ذلك الرجل الفقير ،وتسببت لها فى
مستقبل كنت ادرك منذ اتخاذى قرار الزواج انه سيحدث ، اذا هى فى غضبها على نسبة
كبيرة من الصحة ، لذا ، لزاما على أن أحاول التكفير عن خطئى بأن أحاول صنع مستقبل
مختلف لها ، وهذا لن يكون إلا باتخاذى قرارات صائبة ومريحة والتخلص من كل المشاعر
السلبية ومن الخوف ، على ان اكون بالقوة التى رأتنى بها ، وواجهت بها كل الظروف
التى قهرتها واستطعت بعون الله ومساندة الكثير من الأصدقاء ، أن اقف على سحابة
سمائية نقية وانام داخل غرفة ملائكية ، تنقر العصافير على زجاج شباكها العالى
ليوقظنى انا وحبيبتى ، فلتسلمى لى يا حبيبتى يا سبب احساسى بثورتى .