الخميس، ١٨ يوليو ٢٠١٣

أميرة المطبخ السمراء


    عدسة راندا شعث                                  

ليس دائما البنات هن ألطف الكائنات ، لكن الأكيد هن أقوى من صنع الله على الأرض ، البنات تعرف كيف تعشق، كيف تنتقم ، كيف تقاوم ، كيف تربى ؟ 
البنات هن صانعات البطولات الحقيقية أمهات الابطال فى أى مجال .
البنت لا تقهرها الظروف ولا تتحكم فيها غريزتها .
ولا تقهر برجل يترك لها الأحلام طائرة فى الهواء لتلاحقها فتنزل على رقبتها .
ربما تموت وربما تعيش طول العمر مكسورة الجناح ، بل هى بكل فخر تحلم أحلاما جديدة لا تملكها لآخرين سواء كان رجل يحبها أو لأصدقاء يهتمون لها ، لديها إمكانية الساحرات على وضع خلطة سحرية لكل من تحبهم وعندما يأكلون منها ، تجدهم يشاركونها دون ان تطلب هى بهجة تحقيق أحلامها .
للبناء أصول يا أهل التعب ، للحياة المؤلمة قوانين ، ليس كل من هب ودب يستطيع ان يبنى خاصة بناء مثل بناء سمية ، طوبة فضة وطوبة حمراء ، هى لاتبنى بطوب ذهب لانها لا تطمح له ، لكنها تبنى بناءا لايطمع فيه الأخرون ، لا ينظرون لبنائها على أنه بناء لإمراءة طامعة فى ملك وسلطان وإمارة ، بل بنايتها التى ذاقت الآمرين لتنهيها عن قريب تتكون من طوب جرانيتى عتيق وطوبات فضة مبهجة .
سمية لا تعرف ما هو الماضى ؟
لا تحاول ابدا استقراء أسباب مروره ، ولا تنظر تحت اقدامها بحثا عن عطايا الأرض التى تصدق تماما فى طيبتها ، لكنها تعتمد بشكل كبير على ذراع قوية وقدم عفية ، وذكاء أنثوى راق،وأخلاق فتوة يحمى اهل منطقته من اى عدو او غريب ، تظلل على أحبتها كجميزة طيبة بخير ومحبة وأمان ، فتشعر وأنت تجلس فى فسحة روحها الشفافة أنك تحتضن الحنان نفسه ، لها قسوة فى تعبيرها عن محبتها ، لا تجيد التحدث بلسان معسول ، لكن فى كلماتها القاسية تلك سترى حنو أمها الصعيدية القوية بملامحها السمراء .
سترى فيها بسهولة حواديت السنين تمرق على جبهتها البرونزية كشاشة عرض لأحزان العمر الذى لم تتركه سمية مهدورا .
أعادت سمية تدوير مخلفات الحكايات وصنعت منها طبقا شهيا من المحبة والسعادة لها ولمن حولها ، سمية تجيد الإستفادة من كل الفتافيت التى تقع من حواديتها ، لا ترمى الفتافيت فى سلة المهملات ، ولا تدع للنمل والصراصير فرصة لإلتهامها .
تجيد البنت العفية ذات الصوت العالى والطول الانثوى الفارع طهو أطباق الحواديت بمكونات طبيعية تماما ، فهى تضع قليل من دمع مخلوط بابتسامات لا تتوقف لكل من تعبر به الطريق او يدخل عليها فسحة روحها ، ثم تضيف بعض الزغاريد التى تبشر الجالسين بقدوم الخير حتى وإن تأخر ، كما تقوم بعد كل ذلك بوضع الخليط على نار متأججة من الأحلام التى لا تتوقف عند حد ، تلمع عين سمية اذا ما شعرت بمحبة الناس الحقيقية لها ، وتنطفىء وتكاد تكتئب إذا ما تأكدت ان هناك من يعاملها بزيف وكذب ، حتى وان جاملها وقال لها كل قصائد الشعر الجاهلى الذى قالها قيس فى ليلى ، حجر كريم ، تعتقده من بعيد مجرد قطعة حجر ، لكن ما أن تلمسه يد وتفحصه عين خبيرة ، تدرك كم لهذا الحجر من قيمة أغلى من قيمة الذهب .
تدخل سمية فى طرقات كبيرة وفاخرة وأزقة ضيقة ، لم تبهرها تلك الشوارع ولم تزعجها الآزقة يوما ، فقط تسعد بأن رفيقا طيبا وجميلا يسير معها فى اى طريق ، هى من ذلك النوع الذى يسبك لتأخذ الدواء ، ثم يحتضنك إذا ما اصابك وجع ، وتأكل من يعاديك بأسنانها ، باستطاعة سمية ان تقود جيشا كأميرة حبشية برقة ضفائرها التى صنعتها الوصيفات ، وبصلابة جسدها الذى زاده شقى السنين قوة وجمال ، لم تكن يوما سمية فقيرة ، لأنها ترى أن الفقر فقر الروح والوعى ، وبذلك أصبحت سمية غنية جدا فى زمن قياسى ، بتنمية وعيها وخروجها من برواز العادات العتيقة التى تحبس النساء العائدات من غربة الغدر فى قمقم العيب والصح ، تحررت بكل ما تملك من وعى اكتسبته بنفسها ، وبتربية روح قامت هى بترويضها وملأت خزانة مستقبلها بناس وكتب وأطباق حلوى لن تنتهى صلاحيتها أبدا ، وما بين خروجها من بيت أهلها ، وعودتها اليه استطاعت ان تصبح أمرأة قوية وناجحة قدوة لسيدات وفتيات كثيرات .

-       تحلق حول رأسها عصافير جنة بهالة ضوء كبيرة

-       يأتيها خبر سعيد قبل نهاية العام بمفاجأة لا تتوقعها

-       ستركب طائرة مرتين فى الفترة المقبلة

-       ستوضع صورتها على غلاف احد اشهر مجلات الاطعمة العالمية

-       تنجح فى تقديم برنامج شهير عن الطبخ

-       سيكبر مطعمها رغم جماله الحالى ، ولكنه سيتم توسعته عن قريب

ليست هناك تعليقات: