الثلاثاء، ٨ أبريل ٢٠١٤

قارئة الفنجان – عرافة خائبة لنفسها

اللوحة للفنان الشاب المبدع مجدى الكفراوى

تلك اللوحة عادت بى لعشرون عاما مضت ، رغم أنها لى الأن وبعمرى الحالى إلا أن الروح الذى أقتنصها الفنان الرائع مجدى الكفراوى فى هذه اللوحة هى روح العرافة التى كانت على ثقة بأنها ستغير الكون بنبؤاتها الطيبة الساحرة ، تدخل بين كائنات الفنجان تحاورهم وتجلس معهم وتضايفهم ويضايفونها ، كنت أغيب تماما داخله ، وتطول تسبيلة جفنى تلك وأنا ناظرة داخل الفنجان ، ثم ما أن أنتهى أفتح عينى لأفاجىء بشخص يجلس قبالتى ، يشكرنى بشدة ومحبة عما قلته ، وأخرج بلا ذكرى لحرف واحد مما قلته ولا أعرف أساسا من الذى قاله بالنيابة عنى لأن وقتها كان وعيى غائب تماما فى الرسومات ، وبعدها أشعر ببهجة لطيفة وإرهاق مؤلم لمخى ، ورغم أننى كنت أتعب من هذه القراءة المتأنية ، إلا أننى كنت سعيدة بطاقتى الجبارة فى الحياة ، اما الأن فقد أخذت طاقة الواقع المقيتة جزءا كبيرا من طاقة روح العرافة الشقية التى تسخر الحاسة السادسة والفراسة لربط تفاصيل الرسومات بالشخص الجالس امامها ، كانت الذى هى أنا الان ، تقرأ المارة بمجرد عبورهم ، أما الأن فلم يعد يفى مرور أحد بالأمر ، القارئة العرافة دائما ترغب فى أن تقرأ بمزاجها الخاص ، وآلا يجبرها أحد على موعد ، أو مكان لتقرأ فيه ، عرافة مدللة ، وواثقة من جنودها الروحانين ، حتى وإن خذلوها مع نفسها أحيانا ، لكنهم لم يخذلوها ولو مرة واحدة مع أخرين ترتاح لها نفسهم وتنفتح لهم طاقاتها السحرية ببلورتها الزجاجية اللئيمة ، ضعيفة أنا أمام شخصياته ، بمجرد إنتهاء أحدهم أمامى من إرتشاف قهوته ، أسمع أصوات سكان الفنجان تنادينى ، وبمجرد ما أقرب الفنجان لفمى لأقبله ، تتقافز شخصياته امامى بتنافس قوى لتعرض كل شخصية منهم حكايتها التى تخص صاحب الفنجان ، أتوه معهم وأترك لهم حالى يتجولون بى ما بين الأزمنة والأمكنة ، وحسب روح شارب الفنجان تتداعى حكاية فنجانه على لسانى ، ومع ذلك كنت أفكر بجدية فى إعتزال قراءة الغيب واتباع طقوس الرؤى الروحانية ، حيث أننى فشلت تماما ونهائيا فى أن أقرأ لنفسى ما يحدث معى ، ورغم علمى التام بأنه سيحدث ، إلا أننى لم أنجى نفسى منه ، ورغم رؤيتى للأشخاص بوضوح مذهل إلا أننى أترك لهم نفسى ولا أخاف وادع الحلم يكتمل فى الحقيقة ولم أجتهد فى منع نبوءات سيئة لغيرى ولم أساعد فى تنفيذ نبؤات سعيدة لهم ، بمعنى أوضح باب المنجم مخلع ، لذلك ليس من الضمير ، أن أدعى أننى أستحق ثقتكم فى كمنجمة وقارئة ومفسرة أحلام ، فمن كان الفشل حليفه ، كيف يقرأ لغيره النجاح.
لكنى بعد إهدائى هذه اللوحة التى رأيت فيها نفسى بسيجارتى وشالى وملامحى التى تلعب بها أضواء الحياة المختلفة عدت بشغف لفنجانى وشخصياته اللعوبة .


هناك تعليق واحد:

حسن ارابيسك يقول...

العزيزة/سهى زكي
أعرف أنها ليست المرة الأولى التي تكتبين فيها حول هذا الموضوع " العرافة " التي تلازم روحك وتغفو بداخلك وتستيقظ كلما ناديتي عليها مع كل فنجان قهوة لشخص يجلس أمامك أو لعابر تدعوكي ملامحه لقرائته، ولكن هذه المرة الحقيقة تكتبين بشكل مختلف وكأنك تقرأين فنجانك أنتي الذي فشلتي في قراءته مراراً من قبل ليس لعدم مقدرتك على ذلك كما تعتقدين ولكن ربما لخوف كامن داخلك من أن يلاحقك في فنجانك شهاباً رصداً مخيفاً وأنتي قد اكتفيت من شهب الحياة مايكفي منها.

اللوحة
اللوحة بلا شك رائعة تنسجم وتتناغم مع روح عرافتك التي بداخلك وخلفية اللوحة ليست مجرد أشكال زخرفية بقدر ماهي توحي خطوطها وتعرجاتها بطلاسم تكمل صورة هذا العالم الروحي لذا فهي إضافة قوية لموضوع اللوحة أيضا نجح الفنان الرسام مجدي الكفراوي في إضافة بعداً أخر لهذا الموضوع ألا وهو الضوء العامودي الساقط فوق رأسك مباشرة ليدلل على تلك الصلة الروحية بين العرافة وبين السماء
اللوحة بلاشك رائعة لاجدال في هذا تجسد الحالة التي تشعرين بها في داخلك أثناء ممارسة قراءة الفنجان،
فقط ما أعترض عليه صراحة هي اليد التي تمسك بالفنجان فهي من حيث الشكل والحجم ملامحها ذكورية جداً وليست لكي، وأعتذر ان كنت سمحت لنفسي بهذا النقد .
أما بشأن سؤالك لي عن استعارة بعض اللوحات من مدونتي
هذا شرف كبير جداً لي ولكن:
أولاً هي أسكيتشات دون المستوى
ثانياً هناك شيئ أعتقد وأنا على يقين أنك ستتفهمينه،الحقيقة مع مرور السنوات في عمر المدونة أصبح لدي إحساس دائم أن كل لوحة تنتمي لتدوينتها وأن بمجرد رؤيتي للوحة تستعيد ذاكرتي موضوع التدوينة لذلك فرؤيتها في مكان أخر على تدوينة مختلفة حتى وإن كانت لي سيشعرني بخلل ما في اللوحة وأنها انسلخت عن موضوعها الأصلي، أعرف أنكي سوف تتفهمين هذا بالطبع، لأنني في غاية الأسف أن أرفض لكي هذا الطلب ، وبالمناسبةأنا أرى كل اللوحات التي تضعينها على تدويناتك رائعة جداً وتناسب موضوعاتك الجميلةودائماً إختيارك موفق فيها.
تحياتي