الاثنين، ٢٩ يوليو ٢٠١٣

جنية الحواديت الشقية


كجنيات الحواديت الشقية التى تندس كورقة شجر خفيفة بين كتب الأساطير ، تخرج بقصص مرسومة للحياة ، صدقت بها إن الدنيا ما هى إلا قدر مرسوم على حيطان أحلامنا ، تلك التى ننساها مع الزمن ، ولكن يعاود ويفاجئنا بتلبيتها فى وقت يأس نكون قد فقدنا فيه الحلم أصلا ، سعاد عبد الرسول ، أسما مميزا لفتاة جميلة لم تصبح أمرأة ناضجة بعد ، مازالت تعيش ببراءة المراهقات الساذجات مرة وشقاوتهن مرة أخرى ، بما فى ذلك من مواصفات لا تنتهى لتلك المرحلة التى تؤرق كل الناس وتداعبهم على مدار العمر ، براءة الحب ، والإخلاص الآبدى ، والصدمة الأولى وحزنها ، وعند التحدى للأهل ولمن ينتقدها ، سعاد بأبتسامتها الطفولية ورقة صوتها وهدوء إنفعالاتها تجبرك على التأمل فى مساحة عينيها السوداء لتعرف ، من أين تخرج تلك الطيبة ، حتى وأن حملت الألفاظ والكلمات شرا ، لا تصدقه ، تمرر سعاد يدها على جروح أحبائها فتشفيهم كقديسة تعرف أن الشفاء طاقة حب قبل أن يكون دواء ، تتألم بشدة لدموع حواء مهما أن كان سببها ، لانها تعرف قيمة رحم الأم ، وأهمية قلبها الذى تسكن فيه كل الناس ، من قضم من عمرها ورحل ، ومن بقى كأبن طيب يقتات من شرايين قلبها دما نقيا ربما يمتد للأٍسرة الفرعونية الاولى ، تصنع من الألوان أجنة فى رحم أمهاتهن يعرفون أنهم سيخرجون لمعاناة وقسوة ، فتضع سعاد فى عيونهم احساس خوف وقوة وتربطهم بشدة فى الرحم ، وتقرر كأله للوحتها أن يظلوا معلقين بحبل أمهم السرى لآجل لا تعرفه ، لكنها تشفق عليهم من ذكريات يصنعها القدر ، فتؤرقها الشيخوخة ، تربط الحزن بالإنجاز ، والتجلى فى أحضان ذاتها التى تأخذ من نور الله قبس شفافا ، ربما تجد الوصف مبالغا ، وربما تعتقد أننى أكتب عن شخصا غير أرضيا ، ولكن من يعرف البنت سيعرف ماذا اقول ، وهى تشبه كثيرات من النساء فيهن لكل شىء مكان إلا لأنفسهن ، تشبه سعاد  عصا موسى ، يتكىء عليها الأخرون بكل قوتهم ، وعندما تشعر أن صلابتها ستنهار لا تحاول ان تتخذ قرارا بأن تتحول أفعى تلتهم كل من تحولوا لثعابين ، لأنها يكفيها معرفتها بأنهم فى الأصل عصى خرزانية بلهاء سيستندون عليها وقت حاجتهم ويرحلون ، ليس للاختلاف توصيف ، لذلك فستحتار لتعرف فى أى شىء تختلف عن غيرها سعاد ، فهى تذوب عشقا فى الناس وتمتص صورهم وتتأملهم بريشتها الذكية ، وتفهمهم بمجرد النظر ، لكنها احيانا وكأى بشر تخطىء فى تقييم من يقترب منها لغاية ، وتحكم عليه بحسن النية التى ترى الاخرين به حتى يثبت العكس ولكن ويالا قسوة لكن عندما تكتشف سوء نوايا الاخرين ، تتحول للعنة خبيثة فى حياة هذا الشخص بلا اى مجهود حقيقى منها ، ولكن طاقة غضبها تصل لذلك الشرير المستغل وتخرب له مشاريع الاستغلال الجديدة الذى يستعد لها ، وهى جالسة مكانها فى هدوء تتابع برنامجها المفضل او تحدث احداهن عن حلم جديد بلوحة تؤرقها ، تفترش ألوانها بعشوائية ، وتقلب فى اللوحات ايهما يصلح للوحتها الجديدة ، وفى النهاية تذهب لورقة صغيرة تكتب فيها كلاما يزاحم لوحتها ، تنتهى منه ثم تذهب لتدليل فكرتها على اللوحة الجديدة ، لا تلهث سعاد خلف الجوائز والمعارض والاحتفاءات المجانية بلا مبرر، ولكنها تتحرك بهدوء موهوب يثق ان الفن لا يفرض وانما يأتى الناس للبحث عنه ، تفصل ما بين أكل العيش والفن قدر ما تستطيع ، وتحاول دائما ان تعلم الفن لكل الناس ، بداية من تكوين ملامحها المرسوم بيد نحات جميل فأخرج قطعة فنية لا تشبه غيرها ، مرورا بذكاء اختيار الوان ملابسها ، وتسريحة شعرها ، ونهاية بلسان لا يلفظ الا الكلام الجميل حتى وان كان جارحا ، فهى تصارح أحبائها بما يضايقها دون أن تجرح مشاعرهم ، كيف لناس مثل سعاد ان يكونوا تعساء يوما ؟ لايمكن لمن يعرف قيمة التسامح والمحبة أن يعرف للتعاسة والخوف مكانا ، لاتخاف من بشر ، ولا تخاف من جن ، تعرف قيمة امس وتعرف قيمة غدا ، لا تهتم بمن سرقوا من عقلها افكارا ، ولا من روحها احلاما  ولا من عمرها اياما ، وببراعة أم ولادة حنونة ، تركز فيمن يحتاجها ، وتتناسى هؤلاء السارقون ، فتهب للأطفال فرح يدوم فى ذاكرتهم حتى يكبرون ، فتصبح فرحتها لهم احد ذكرياتهم الشجية ، وتصنع للكبار صورا صادمة عن اوجاع يتجاهلونها ، فتصبح سعاد بفنها وإنسانيتها طبيب نفسانى ومعالج روحانى لمن يعرفها .

هناك تعليق واحد:

ashtar 28 يقول...

احببت للغاية وصفك لهولاء السيدات المشوقات ، تخصيصك هذه المساحة في مدونتك للكتابة عن المرأة وقوتها وكينونتها المذهلة جد جميل منك ورائع، كامل تحياتي ومودتي أثارت شخصيات عالمك اهتمامي للغاية